تحليل نص (الإبداع والنقد) لمحمد مفتاح.

المادة: اللغة العربية

الموضوع: تحليل نص دفاع عن الحيرة

المستوى: جذع مشترك آداب

تــمـهــيــد:

النص التفسيري هو النص الذي يهتم بقضية معينة فيحرص على شرحها وتفسيرها بغرض توضيحها للمتلقي، وذلك بتوفير المعلومات الضرورية والكافية للإحاطة بكل جوانب الموضوع المعالج.

والنص التفسيري الحجاجي هو الذي يعرض فكرة معينة ويسعى إلى حسن عرضها، وتفسيرها لتوضيحها وإقناع المتلقي بها، وذلك بالاعتماد على مجموعة من وسائل التفسير: كأسلوب التعريف والمقارنة والتمثيل، وطرح الأسئلة والإجابة عليها ثم تقديم الموضوع تقديما منطقيا وفق منهجية واضحة. 

وينبني النص التفسيري الحجاجي وفق المنهجية التالية:

• المدخل: وهو المقدمة التي يطرح فيها موضوع القضية بشكل صريح أم مضمر.

• الشرح: وذلك بتقديم التفسير والاستدلال على مجموع الآراء.

• النتيجة: وذلك بتركيب كل ما سبق والتأكيد عليه.

والنص الذي سندرسه ينتمي إلى نوع " التفسير" للكاتب محمد مفتاح. فما هي مقومات النص التفسيري وخصائصه؟

*التعريف بالكاتب:

محمد مفتاح، كاتب مغربي من مواليد البيضاء سنة 1942، يعتبر من بين أهم النقاد المغاربة الذين اهتموا بالبحث عن ضوابط الأعمال الأدبية قوانينها، من بين أعماله نجد: مجهول البيان، القراءة والتأويل، تحليل الخطاب الشعري، النص من القراءة إلى التنظير، الذي اقتبس منه النص الذي بين أيدينا.

أولا: ملاحظة النص

أ‌- نوعية النص:

  بناءً على مجموعة من المؤشّرات من قبيل: السؤال التي افتتح به النص (ما العملية الإبداعية؟) يتبين لنا أننا إزّاء نصّ حجاجي تفسيري، فالكاتب يجيب عن سؤال افتتح به نصه، وبالتالي فهو يفسر ويحلل.

ب- قراءة في العنوان:

تركيبيا: العنوان مركب من كلمتين بينهما حرف عطف، جاء على شكل جملة اسمية، مبتدؤها (الإبداع والنقد)، وخبرها موجود في النص.

دلاليا: يدل العنوان على مفهوم الإبداع وهو الابتكار والتفنن في الشيء. والعمل الإبداعي هو العمل الشعري أو النثري الحسن الصياغة. 

أما النقد فهو الذي يواكب الأعمال الأدبية ليبين عن مواطن الجودة والرداءة فيها.

ج- فرضيّة النصّ:

انطلاقا من هذه المشيرات نفترض أن النص سيفسر طبيعة العلاقة الموجودة بين الإبداع والنقد، من خلال المقارنة بينهما.

 ثانيا: فهم نص الإبداع والنقد لمحمد مفتاح

1. المضمون العام :

يتحدث النص عن مفهوم الإبداع وعلاقته بالنقد، إذ يقارن محمد مفتاح بين العمليتين ويبين الفرق بينهما.

2. وحدات النص:

يمكن تقسيم النص إلى أربع فقرات: 

- الفقرة الأولى: تفسير الإبداع قديما في كثير من الثقافات على أنه موهبة ربانية، وأنه ميزة تخص أناسا غير عاديين.

- الفقرة الثانية: اختلاف المحلل الناقد عن المبدع في اعتقاد بعض الناس، لأنه هو المكلف بكشف مكامن القبح والجمال في العملية الإبداعية، والكشف عن أبعاد النص. 

- الفقرة الثالثة: افتراض عدم التقاء مسار المبدع ومسار المحلل الناقد، فلكل منهما مساره الخاص المحكوم بضوابط وقواعد محددة.

- الفقرة الرابعة: اعتبار المبدع والمحلل حسب الدراسات النفسية الحديثة خاضعين لنفس العملية الذهنية وينهلان من المعرفة نفسها المخزنة في الذاكرة، والمرتبطة بالخيال والجمالية اللغوية.

↚

ثالثا: تحليل نص الإبداع والنقد لمحمد مفتاح

1- عناصر النص وبناؤه:

أ. تقسيم النص:

  • مقدمة: استهل الكاتب نصه التفسيري بسؤال يبرز به مضمون القضية التي سيعالجها، وهي مفهوم الإبداع وعلاقته بالعملية التحليلية.

  • العرض: فسر الكاتب في عرضه موضوع علاقة الإبداع بالنقد مستدلا على ذلك بمجموعة من الحجج، ومعتمدا على مجموعة من الروابط المنطقية لتقريب المتلقي من الفهم.

  • الخاتمة: انتهى الكاتب إلى نتيجة مفادها أن المبدع والناقد محكومان بنفس الضوابط والشروط.

ب. خصائص الناقد والمبدع:

• انطلاقا مما سبق يتبين لنا على أن مسار المبدع والناقد متقارب لأنهما معا يتشاركان في حسن الذائقة الفنية ويخضعا معا لنفس القواعد والشروط التي تحدد مسارهما.

2. لغة النص وبلاغته:

أ. طبيعة الأسلوب:

يطغى على النص الأسلوب الخبري وذلك لأن الكاتب يهدف إلى إقناع المتلقي بكون الناقد والمبدع يتشاركان في نفس المسار.

كما نجد أن الكاتب ينحو في أسلوبه منحى الشرح والتفسير وهذا بديهي، لأن النص تفسيري حجاجي، فالنص التفسيري يفسر ويشرح مجموعة من الأفكار. وقد اعتمد الكاتب لتحقيق ذلك:

• أسلوب التوكيد والإثبات: توظيف مجموعة من المؤكدات للدفاع عن الأطروحة، منها: أسلوب التوكيد (إنَّ، قد، أنَّ، يجب)

• أسلوب التفسير: ونمثل له بقول الكاتب : "لأن لكل منهما سبيله الخاص في العمل، فالمبدع يخصع لقيود..."

• أسلوب المقارنة: ويتجلى ذلك في مقارنة الكاتب بين المبدع والناقد وما تواجههما معا من صعوبات خاصة فيما يرتبط بالضوابط والقواعد المفروضة عليهما معا.

ب. لغة النص:

نلاحظ من خلال قراءة النص أنه نظم بصيغة مباشرة واضحة، أي استعمل الكاتب فيه لغة تقريرية إذ وظف الكاتب أسلوبا تقريريا مباشرا خاليا من الاستعارات والمجازات والتشبيهات، ولذلك نلفيه يميل إلى لغة سهلة وواضحة تؤهله للتواصل مع المتلقي تواصلا فعالا، وحقيقيا.

ج. الروابط اللغوية:

توسل لكاتب بمجموعة من الروابط اللغوية لإحكام الربط بين أفكاره، نميز فيها بين الربط الداخلي، والربط الخارجي:

الربط الداخلي: ونجد مجموعة من الروابط اللغوية كالنفي والاستدراك والاستنتاج والنفي.. الربط الخارجي: يتكون النص من أربع فقرات مترابطة فيما بينها بواسطة روابط لغوية منطقية: “إن” و “الواو” و “أما”.

د. المنهج المعتمد: 

اعتمد الكاتب على المنهج الاستنباطي في عرضه للأفكار إذ طرح القضية بشكل صريح في مقدمته ثم فصل فيها أثناء العرض إلى أن انتهى بتأكيده على مضمون التفسيرات التي قدمها.

3. مقاصد النص وغاياته:

يهدف النص إلى تفسير العملية الإبداعية وبيان علاقتها بالعملية التحليلية النقدية، فهذه الأخيرة لا تحد من طاقات وإبداعات المبدع وإنما تواكبها وتفسرها للعامة، كما تشجع العمل الإبداعي الحقيقي وتساعد على إبعاد كل متطفل على العملية الإبداعية الأدبية، وبالتالي فإن دور النقد مهم ومرتبط بالعملية الإبداعية على مر العصور.

رابعا: تركيب نص الإبداع والنقد لمحمد مفتاح

نصل أخيرا إلى النص المدروس آنفا (الأدب والنقد) هو نص حجاجي تفسيري، مقتطف من كتاب (النص من القراءة إلى التنظير) للكاتب المغربي محمد مفتاح، يتحدث فيه عن مفهوم الإبداع وعلاقته بالنقد، مقارنا بين العمليتين ومفسرا الفرق بينهما. وقد اعتمد الكاتب في سبيل ذلك على بناء منطقي محكم يشتمل على المقدمة والبنية الاستدلالية والعرض، متوسلا بمجموعة من الأساليب الحجاجية كالتفسير والتعريف والمقارنة اللغوية، دون نسيان الروابط المنطقية كالتوكيد والنفي والاستدراك والاستنتاج، وقاطعا مراحل متسلسلة ومنطقية للإقناع.

متوخيا من خلال ذلك إثبات أن العملية التحليلية النقدية لا تحد من طاقات وإبداعات المبدع وإنما تواكبها وتفسرها للعامة.

النصوص الموالية:

تحضير نص ما الثقافة؟ لمحمد الرميحي