آخر الأخبار

تحضير نص قرآن الفجر (الثانية إعدادي)


نص قرآن الفجر (الثانية إعدادي)

المجال: القيم الإسلامية
المكون: القراءة
الموضوع: قرآن الفجر
الكتاب المدرسي: المرجع في اللغة العربية

نص الانطلاق:

قرآن الفجر

كنتُ في العاشرة من عمري، وقد جمعْتُ القرآنَ كلَّه حِفْظًا، وجوَّدتُه بأحكام القراءة، وكان من عادة أبي رحمه الله أن يعتكف في أحد المساجد طيلة الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان؛ يدخل المسجد فلا يَبْرَحُهُ إلا ليلةَ عيد الفِطْر؛ فهناك يتأمل،ويتعبَّد، ثم لا يرى من الناس إلا تلك الوجوه المدعوة الى دخول المسجد بدعوة القوة السامية والمنحنية في ركوعها والخاضعة لله والساجدة بين يدي ربها ليتدرك معنى الجلال. وما حكمة هذه الأمكنة التي تقام لعبادة الله؟ إنَّها أمكنة قائمة في الحياة، تُشْعِرُ القلبَ البشريَّ في نزاع الدنيا أنه في إنسان لا في بهيمة… ذهبتُ ليلةً فَبِتُّ عند أبي في المسجد؛ فلمَّا كنَّا في جَوْف آخر الليل أَيْقَظَنِي لِلسُّحور، ثُمَّ أَمَرَنِي فَتَوَضَّأْتُ لِصلاة الفَجْرِ، وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى قِراءَتِه؛ وأقبل الناس يَنقصدون المسجد، وجلسوا ينتظرون الصلاة وكانتِ المساجد في ذلك العهد تُضاءُ بِقَنَادِيلِ الزيت، في كل قنديل ذُبالة، يرتعش النور فيها خافتًا ضئيلاً كأنه بعض معاني الضوء لا الضوء نفسه ؛ فكانت هذه القناديلُ، والظلام يرتج حولها، تلوح كأنها شُقوقٌ مضيئةٌ في الجو، فلا تكشف الليلَ؛ ولكن تكشف أسراره الجميلة. ثم يَشعر بالفجر في ذلك الغَبَش عند اختلاط آخِرِ الظلام بأول الضوء، شُعورًا نِدِّيًّا؛ كأن الملائكةَ قَدْ هبطت تحمل سحابة رقيقة، تَمسح بها على قلبه؛ ليَتَنَضَّر من يُبْسٍ، ويَرِقَّ من غِلْظَة. لا أَنسى أبدًا تلك الساعةَ، وقدِ انْبَعَثَ في جوِّ المسجد صوتٌ غرِدٌ رَخِيم، وهو يُرَتّل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ َ} [النحل: 125]. وكان هذا القارئ يملك أَتَمَّ ما يَملِك ذو الصوت الرخيم؛ فكان يَتصرَّف به أحلى مما يَتصرَّف القُمْرِيُّ وهو يَنوح في أنغامه، وبلغ في التطريب كلَّ مبلغ يَقْدِر عليه القادر، وما كان إلا كالبُلْبُل هَزَّتْهُ الطبيعة بأُسلوبها، فاهتز يجاوبها بأسلوبه في جمال التغريد، وكان القلب وهو يتلقى الآيات؛ كقلب الشجرة يتناول الماء ويكسوها منه. وبدا الفجر كأنه واقفٌ يستأذن الله من هذا النور. وكنا ونحن نسمع قرآن الفجر كأنما مُحِيَتِ الدنيا التي في الخارج وبَطَلَ باطِلُها، فلم يبقَ على الأرض سوى الإنسانيةُ الطاهرة، ومكانُ العبادة. أما الطفل الذي كان في يومئذ: فكأنما دُعيَ بكل ذلك ليحمل هذه الرسالة، ويؤديها الى الرجل الذي يجيء فيه من بَعدُ، فأنا في كل الحالات والأوجه أخضع لهذا الصوت: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) [النحل الآية: 125] وفي كل ضائقة وضر أخشع لهذا الصوت: (واصبر وما صَبرك إلا بالله) [النحل الآية: 127] مصطفى صادق الرافعي. وحي القلم.

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص:

محمد صادق الرافعي كاتب ومفكر مصري، ولد بمصر سنة 1880. حفظ  القرآن الكريم وهو دون سن العاشرة. نال شهادة الدروس الابتدائية في سن 17. فقد حاسة السمع في الثلاثين من عمره. لكنه اجتهد في التعلم رغم علته. له مجموعة من الأعمال من أهمها: تحت راية القرآن، حديث القمر، وحي القلم، تاريخ الأدب العربي، رسائل الأحزان، السحاب الأحمر، أوراق الورد، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية.

ب. نوع النص ومصدره:

عبارة عن نص سردي ينتمي إلى جنس السيرة الذاتية. مقتبس من وحي القلم الجزء 3 الصفحة 23 دار الكتاب العلمية الطبعة الأولى سنة 2000.

ج. مجال النص:

يندرج نص قيمة العلم في الإسلام ضمن مجال القيم الإسلامية.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

+تركيبيا:

يتكون العنوان من كلمتين تكونان فيما بينهما مركبا إضافيا دالا على وقت قراءة القرآن ألا وهو الفجر.

+دلاليا:

يحيل العنوان على أهمية ومكانة العلم في الدين الإسلامي.

ب. قراءة في الصورة:

عبارة عن لوحة تعكس مصحفا مفتوحا من أجل تلاوته.

ج. بداية النص ونهايته:

البداية فيها مؤشرات دالة على نوعية النص وهي الشخصيات، الزمان، الأفعال، ضمير المتكلم. وأما النهاية فتبرز تحول ضمير الحكي من ضمير المتكلم المفرد إلى الحكي بضمير المتكلم الجمع، مما يدل على شخصيات أخرى حاضرة في النص.

د. فرضية القراءة:

انطلاقا من العنوان والبداية والنهاية نفترض أن النص سيتحدث عن الرحمة التي تميز الإسلام وتجلياتها.

ثانيا: فهم النص

1. الإيضاح اللغوي:

يعتكف: يلزم المسجد بنية العبادة
ينوح: يغرد ويصيح ذبالة: فتيلة خافتة الإضاءة
الخاضعة: المستسلمة والمطيعة
ضائقة: شدة ومحنة تلوح: يظهر

2. الفكرة العامة:

يصف الكاتب ليلة قضاها في المسجد مع أبيه خلال الأيام العشر الأواخر من رمضان وتأثير تلك الأجواء الروحانية على نفسيته.

3. الأفكار الجزئية:

  • استحضار الكاتب لطفولته واعتكاف أبيه في المسجد.
  • وصف لحظة استيقاظه لصلاة الفجر بجانب والده.
  • تأمل الكاتب في صوت قارئ القرآن الكريم وتأثيره على روحه.
  • استشعار الكاتب لأهمية قرآن الفجر كمنهاج لحياته في المستقبل.

ثالثا: تحليل النص

1. الحقول الدلالية:

الألفاظ الدالة على الدين

الألفاظ الدالة على الطبيعة

القرآن، المساجد، رمضان، يتعبد، المسجد، راكعة، الساجدة، عبادة، هللا ، الصالة، يرتل، يعتكف، ركوع، ربك، الخاضعة، السحور، توضأت، الفجر، الملائكة، الحسنة، الآيات.


الفجر، الليل، البلبل، القمري، الشجرة، سحابة، التغريد، النور، الظالم، الجو، الضوء، ماء، الأرض، ليلة، الزيت، الغبش، الطبيعة.


التعليق على الجدول: نلاحظ هيمنة المعجم الديني على المعجم الطبيعي، وهذا يدل على أن الكاتب نشأ في أحضان أسرة متدينة محافظة على التعاليم الدينية.

2. الشخصيات والزمان والمكان:

يمكن توضيحها من خلال الجدول الآتي:

الشخصيات

الزمان

المكان

السارد، الأب، الناس، مرتل القرآن

الفجر، الليل، ليلة عيد الفطر، الأيام العشر الأواخر.

المسجد


3. الخطاطة السردية:

البداية: خروج الطفل وذهابه إلى المسجد ليبيت عند أبيه المعتكف في المسجد.

الوسط: تأثر الطفل بسماع صوت مرتل قرآن الفجر، ليعيش أجواء روحانية.

النهاية: تمكن الطفل من حفظ القرآن وإتقان قواعده وعزمه على تمرير هذه الرسالة إلى الأجيال الصاعدة.

4. قیم النص:

قيمة دينية أخلاقية: قيمة الالتزام بالعبادة وأهمية المسجد والقرآن الكريم في تربية الأطفال على القيم الروحانية، مما يشكل أساسًا لبناء شخصيات متزنة وواعية في المستقبل.

رابعا: تركيب

تأسيسا على ما سبق، يتضح أن نص قرآن الفجر نص سردي، يستحضر فيه السارد لحظات من طفولته حيث كان يذهب إلى المسجد ليؤدي صلاة الفجر ويستمتع بالقرآن الكريم مرتلا، وقد تأثر تأثرا شديدا بأجواء تلك المرحلة من حياته مما جعله يمعن في وصفها بدقة متناهية متوسلا بألفاظ الطبيعة كالبلبل والقمري والشجرة والسحابة للتعبير عن معاني غاية في الجلال والقداسة.

تعليقات

دروس متنوعة




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-