تحضير نص كلنا نرجو السلام (الثالثة إعدادي)

نص كلنا نرجو السلام (الثالثة إعدادي)

المجال: القيم الوطنية الإنسانية
المكون: القراءة
الموضوع: كلنا نرجو السلام
الكتاب المدرسي: مرشدي في اللغة العربية

نص الانطلاق:

كلنا نرجو السلام

سألني سائل، والعام الجديد تبدو بشائره: ماذا تتمنى لعامنا المقبل؟ فبادرت أقول: وهل ثمة أمنية تجول في الفكر ونحن في فترة القلق والاضطراب مما يسود العالم من مخاوف إلا أمنية السلام العالمي؟

ليس هناك كلمة أشد هولا من كلمة الحرب، فيها تكمن الويلات، ومن خلال حروفها يطل الدمار. وإني لأتمثل البشرية في أوقات الحروب، وقد عادت إلى ضراوتها الأولى واستبدت بها جنة الهمجية والتوحش، فأصبحت تموج بين جنوبها روح شريعة الغلبة للأقوى، وإذا القيم الإنسانية تتهاوى، والمثل الكريمة تفقد ما لها من عزة وسلطان.

فأما الحرب التي نتوقعها أو نتمثلها مقبلة فإننا لا ندري كيف تكون إذا أتيح لها أن تقع، ولكننا على أية حال نستطيع أن نتصور ما تمخض عنه العالم الحديث من مكتشفات الذرة والنواة وما إليها، وقد صار ذلك كله مسخرا لمحق البشرية وإذلالها والنكوض بها على أعقاب السنين إلى ما قبل القيم والمثل والأخلاق.

فنحن – سكان هذه الأرض الشغوب، وممثلي تلك المدنية الهوجاء – حراص أشد الحرص على التنادي إلى السلام، والتداعي إلى نبذ الحروب والعدول عنها أداة لفض المنازعات.

لقد أصبح السلام كلمة الشعوب قاطبة، يتطارحها الناس كما يتطارحون التحية، ويتبادلون المصافحة، وما أحسب أن ثمة كلمة أعذب منها على الشفاه ولا أطيب، فهي أمنية كل قلب إنساني، وهي رجاء العام الجديد في كل عام.

كلنا نرجو السلام بيد أن الرجاء المجرد لا يكفي للوصول إلى الهدف، فالنية الطيبة وحدها لا تملك أن تبني ذلك الصرح المنشود، صرح المسالمة والإخاء. ولن تقوم لهذا الرجاء قائمة إن لم تدعمه قوة كبيرة تسيطر على سائر القوى. وإن هذه القوة الكبيرة لهي (الإيمان)، الإيمان بفائدة السلام، الإيمان بمستقبل السلام.

متى استطعنا أن ننمي هذه القوة في الأفئدة، أفئدة الأفراد والجماعات، أفئدة الشعوب والقادة، كان لنا أن نطمع في حياة سليمة موصولة المدى. وقوة الإيمان تحتاج في تنميتها في النفوس، وفي تأصيلها في الأذهان إلى جهد جهيد وليس يجزي فيها مقال كاتب أو صيحة خطيب. يجب أن يكون الغيمان بالسلام برنامجا تتخذ الوسائل لتطبيقه في مختلف مستويات الشعوب، وفي شتى مراحل التعليم، وفي كل مظهر من مظاهر النشاط العقلي والاجتماعي والعملي. يجب أن يؤمن بنو الإنسان بأن حرية الشعوب وسيادتها حق طبيعي مقدس، وأن العدوان على هذا الحق، وفرض سيطرة القوي تمرد على النظام، وإخلال بالأمن، وجريمة يوصم صاحبها بأنه قاطع طريق.

في ظل هذا الإيمان تتآخى الشعوب، وبفضل هذا الإيمان يقوى الوعي بين الناس ضد الإذعان لسيطرة الأجنبي واستغلاله واتخاذه من الأمم المستضعفة مناطق نفوذ.

محمود تيمور، القصة في الأدب العربي وبحوث أخرى، المطبعة النموذجية (1971)، ص: 141 – 143 (بتصرف).

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص:

محمود تيمور، ولد بمصر سنة 1894. اشتهر بثقافته الواسعة وبإنتاجه الغزير في القصة والرواية والمسرحية. من أشهر مؤلفاته: الشيخ جمعة، مكتوب على الجبين، بنت الشيطان، قال الراوي.

ب. نوع النص ومصدره:

النص مقالة حجاجية ذات بعد إنساني، مقتطف من: كتاب «القصة في الأدب العربي وبحوث أخرى». المطبعة النموذجية 1971. الصفحات: 141، 143 (بتصرف).

ج. مجال النص:

يندرج النص ضمن مجال القيم الإسلامية.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

‌+تركيبيا:  جاء العنوان عبارة عن جملة اسمية، تتكون من:

  • كلنا: مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف. ونون الجماعة في محل جر مضاف إليه.
  • نرجو: فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.
  • السلام: مفعول به منصوب. والجملة الفعلية في محل رفع خبر.

+دلاليا: يحمل العنوان دلالة تتمثل في اعتبار  السلام أملا ومطلبا مشتركا بين جميع البشر.

ب. قراءة في الصور:

تمثل مشهدا تظهر فيه طفلة جالسة القرفضاء وهي تضم كفيها وتشبكهما بالقرب من فمها بشكل يوحي بالخوف والرجاء في الوقت ذاته..ولعله خوف من الجندي الذي تظهر قدمه في واجهة الصورة وهي تمتد باستبداد  وقسوة إلى جانب الطفلة، لتمثل بذلك مظهرا من مظاهر الحرب التي تتضرر منها الطفولة. أما الطفلة فتمثل مظهر البراءة وتمني السلام.

ج. بداية النص ونهايته:

بداية النص: نلاحظ فيها مؤشرات دالة على أن النص يحمل خطابا حواريا (سألني…فبادرت أقول…)، وعلى الرغم من أن عنوان النص لم يتكرر في بدايته، إلا أن ورود لفظة ((تتمنى)) في هذه البداية يجعلها منسجمة مع العنوان؛ لأن التمني والرجاء لفظتان متقاربتان دلاليا.

نهاية النص: في نهاية النص أيضا لم يتكرر العنوان، و نجد  فيها كلمة (الإيمان) التي تحمل في مدلولها معنى الرجاء والتمني؛ فكأننا بالكاتب يتدرج من الرجاء إلى التمني ثم إلى الإيمان، حيث أصبحت أمنية السلام اعتقادا راسخا ومطلبا ضروريا لا يمكن الاستغناء عنه.

د. فرضية القراءة:

بناء على المؤشرات الأولية للنص نفترض أن موضوعه سيتحدث عن  السلام ونبذ الحرب.

ثانيا: فهم النص

1. الإيضاح اللغوي:

بادرت: أسرعت
ضراوتها: شدتها ووحشيتها
جنة الهمجية: جنون الفوضى
النكوص: الرجوع إلى الوراء
القيم والمثل: المبادئ
العدول عن الشيء: الانحراف والعزوف عنه
موصولة المدى: مستمرة ودائمة
الإذعان: الخضوع والاستسلام

2. الحدث العام:

السلام أمل شعبي ومطلب عالمي لا يتحقق إلا بالإيمان والإرادة القوية.

3. الأحداث الجزئية:

  • تمني الكاتب للسلام العالمي في جوابه عن سؤال السائل الذي سأله عن أمنيته بمناسبة العام الجديد.
  • وصف الكاتب حالة العالم عند حلول العام الجديد، حيث تنتشر الحروب وتغيب القيم الإنسانية والأخلاقية.
  • إبرازه أن السلام هو أمنية كل الشعوب.
  • تأكيده على أن الرجاء وحده لا يكفي لتحقيق السلام ، بل يجب أن يكون تمني الإنسان للسلام مقرونا بقوة الإيمان.

ثالثا: تحليل النص

1. معجم النص:

معجم الحرب

معجم السلام

العدوان، الاضطراب، التوجس، محق البشرية، الإذلال، الدمار، المنازعة، الشغوب، التوحش، الويلات...


السلام،  الأمن، حياة سليمة، التآخي، الإنسانية، المصافحة، أمنية، رجاء، إيمان…


التعليق على الجدول: نلاحظ أن الألفاظ الدالة على الحرب أكثر من الألفاظ الدالة على السلم، ما يد ل على أن الحروب ما تزال منتشرة في أنحاء العالم، خلافا للسلم الذي يظل أمنية بعيدة التحقق على أرض الواقع.

2. ملامح الحجاج في النص:

ينبني النص على منطق حجاجي يرفض من خلاله الكاتب فكرة ويقدم فيه فكرة بديلة، ويمكن توضيح هذا المنطق فالجدول التالي:

الفكرة المرفوضة

عمليات البرهنة

الفكرة المتبناة

فكرة الحرب

في الحرب رجوع الإنسانية إلى التوحش الذي يعقبه الدمار وانهيار القيم والمثل الإنسانية.

في السلام نشر للحرية والعدالة والأمن

فكرة السلام

4. قیم النص:

يتضمن النص قيمة إنسانية تتجلى في الدعوة إلى السلام ونبذ الحروب من أجل الإنسانية لكي تنعم بالطمأنينة والسكينة والأمن.

رابعا: تركيب

نص "كلنا نرجو السلام" يندرج ضمن مجال القيم الإنسانية يحمل خطابا حجاجيا  يدافع من خلاله  الأديب المصري محمود تيمور  غن فكرة السلام ويرفض فكرة الحرب، أملا  بأن ينتشر ويتحقق السلام في العالم مع مطلع السنة الجديدة، كما يتخوف من مكتشفات الذرة والنواة التي تهدد البشرية. وفي الأخير يقدم اقتراحات لغرس فكرة السلام في نفوس الأفراد والجماعات باعتباره مطلبا مشتركا بين البشرية جمعاء.

Mohamed Ben Chaayab
Mohamed Ben Chaayab
تعليقات