تحضير نص الوطن والوطنية (الثالثة إعدادي)

نص الوطن والوطنية (الثالثة إعدادي)

المجال: القيم الوطنية والإنسانية
المكون: القراءة
الموضوع: الوطن والوطنية
الكتاب المدرسي: مرشدي في اللغة العربية

نص الانطلاق:

الوطن والوطنية

من نواميس الخلقة حب الذات للمحافظة على البقاء وفي البقاء عمارة الكون. فكل ما تشعر النفس بالحاجة إليه في بقائها فهو حبيب إليها، فالإنسان من طفولته يحب بيته وأهل بيته لما يرى من حاجته إليهم واستمداد بقائه منهم وما البيت إلا الوطن الصغير. فإذا تقدم شيئا في سنه اتسع أفق حبه وأخذت تتسع بقدر ذلك دائرة وطنه. فإذا دخل ميدان الحياة وعرف الذين يماثلونه في ماضيه وحاضره وما ينظر إليه من مستقبله، ووجد فيهم صورته بلسانه ووجدانه وأخلاقه ونوازعه ومنازعه – شعر نحوهم من الحب بمثل ما كان يشعر به لأهل بيته في طفولته ولما فيه – كما تقدم – من غريزة حب الذات وطلب البقاء، وهؤلاء هم أهل وطنه الكبير، ومحبته لهم في العرف العام هي الوطنية. فإذا غذي بالعلم الصحيح، شعر بالحب لكل من يجد فيهم صورته الإنسانية وكانت الأرض كلها وطنا له وهذا هو وطنه الأكبر. هذا ترتيب طبيعي لا طفرة فيه ولا معدل عنه، فلا يعرف ولا يحب الوطن الأكبر إلا من عرف واجب الوطن الكبير، ولا يعرف ولا يحب الوطن الكبير إلا من عرف وأحب الوطن الصغير. والناس إزاء هذه الحقيقة أربعة أقسام:

1 – قسم لا يعرفون إلا أوطانهم الصغيرة، وهؤلاء هم الأنانيون الذين يعيشون على أممهم كما تعيش الطفيليات على دم غيرها من الحيوان، وهم في الغالب لا يكون منهم خير حتى لأقاربهم وأهل بيتهم.

2 – وقسم يعرفون وطنهم الكبير فيعملون في سبيله كل ما يرون فيه خيره ونفعه ولو بإدخال الضرر والشر على الأوطان الأخرى بل يعملون دائما على امتصاص دماء الأمم والتوسع في الملك لا تردهم إلا القوة. وهؤلاء شر وبلاء على غير أممهم ، فهم مصيبة البشرية جمعاء.

3 – وقسم زعموا أنهم لا يعرفون إلا الوطن الأكبر وأنكروا وطنيات الأمم – كما أنكروا أديانها – وعدوها مفرقة بين البشر. وهؤلاء عاكسوا الطبيعة جملة وما عرفته البشرية منذ آلاف السنين ودلائل الفشل على تجربتهم حيث أجروا تجربتهم لا تكاد تخفى.

4 – وقسم اعترف بهذه الوطنيات كلها ونزلها منازلها غير عادية ولا معدود عليها، ورتبها ترتيبها الطبيعي في تدرجها، كل واحدة منها مبنية على ما قبلها ودعامة لما بعدها. وآمن – هذا القسم – بأن الإنسان يجد صورته وخيره وسعادته في يته ووطنه الصغير وكذلك يجدها في أمته ووطنه الكبير ويجدها في الإنسانية كلها وطنه الأكبر.

وهذا الرابع هو الوطنية الإسلامية العادلة. إذ هي التي تحافظ على الأسرة بجميع مكوناتها وعلى الأمة بجميع مقوماتها وتحترم الإنسانية في جميع أجناسها وأديانها.

عبد الحميد بن باديس، مجلة الشهاب، الجزء السابع، ص: 304 – 307 (بتصرف).

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص:

عبد الحميد بن باديس، ولد سنة 1889 بمدينة قسنطينة بالجزائر، ينتمي إلى أسرة معروفة بالعلم، تلقى تعليمه بالجزائر ثم بتونس، واشتغل في التدريس والصحافة التي نشر بواسطتها آراءه الإصلاحية والمناهضة للتطرف والاستعمار، وأسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931، توفي سنة 1940.

ب. نوع النص ومصدره:

مقالة تفسيرية ذات بعد وطني، مقتطف من: مجلة الشهاب، الجزء السابع، ص- ص: 304- 307 (بتصرف).

ج. مجال النص:

يندرج النص ضمن مجال القيم الوطنية الإنسانية.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

+تركيبيا: جاء العنوان عبارة عن مركب عطفي؛ يتكون من معطوف (الوطنية) ومعطوف عليه (الوطن).

+دلاليا:  يتكون العنوان من:

الوطن: وهو مكاني يدل على إقامة  مواطن ما.

الوطنية: وهي مجموع الصفات التي تجعل الإنسان مواطنا متمسكا بوطنه والتعلق به.

ب. قراءة في الصورة:

هي صورة مركبة تمثل الكرة الأرضية وحولها أطفال من جنسيات مختلفةّ، ما يوحي بأن الوطن المشترك بين البشر هو كوكب الأرض، وأن الوطنية الحقة هي التضامن والتآخي والتعايش بين الشعوب والأجناس المختلفة.

ج. بداية النص ونهايته:

بداية النص: تنسجم مع الجزء الأول من العنوان، لأنها تشير إلى فطرة في الإنسان تجعله شديد التعلق بوطنه، وهذه الفطرة هي حب الذات

نهاية النص: تنسجم مع الجزء الأخير من العنوان، إذ تشير إلى الوطنية الإسلامية العادلة، وتبرز أهميتها.

د. فرضية القراءة:

بناء على المؤشرات الأولية للنص نفترض أن موضوعه سيتحدث عن الفرق بين الوطن والوطنية.

ثانيا: فهم النص

1. الإيضاح اللغوي:

العرف العام: ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملتهم
طفرة: انتقال وتغير سريعان
الأفق: منتهى النظر
نوازعه: رغباته التي تقوده إلى عمل شيء.
منازعه: ميوله ورغباته
طفرة: انتقال سريع. عادية: من عدا يعدو عدوانا فهو عاد، بمعنى ظلم وجار واعتدى
طفيليات: الطفيلي: من يتدخل في شؤون الغير

2. الفكرة العامة:

يتحدث النص عن مفهوم الوطن والوطنية وعلاقة الناس بأوطانهم.

3. الأفكار الجزئية:

  • اعتبار الكاتب حب الطفل لبيته لما يحقق فيه جل متطلباته.
  • ذكر الكاتب العوامل الموضوعية التي تجعل الإنسان يحب وطنه.
  • دور العلم الصحيح في جعل الإنسان يحب كل من يجسد صورته عبر العالم.
  • تقسيم الكاتب الناس في إطار الوطنية إلى أربعة أقسام، وتحديده المفهوم الصحيح للوطنية.

ثالثا: تحليل النص

1. الحقول المعجمية:

+ مفهوم الوطن بالنسبة للإنسان حسب مراحل حياته:

مراحل حياة الإنسان

في الطفولة

إذا دخل ميدان الحياة

إذا غذي بالعلم الصحيح

مفهوم الوطنية

الوطن: البيت والأهل
(الوطن الصغير)

الوطن: مكان المشتركين في نفس التاريخ والمصير واللغة  (الوطن الكبير)

الوطن: الإنسانية جمعاء

(الوطن الأكبر)

+ أقسام الناس إزاء نظرتهم للوطن:

القسم

نظرته إلى الوطنية

الأول

لا يعرف إلا وطنه الصغير

الثاني

يعرف ويؤمن بالوطن الكبير

الثالث

لا يعرف إلا الوطن الكبير، وينكر وطنيات الأمم الأخرى

الرابع

يعترف بجميع الوطنيات

2. أساليب النص:

يطغى على النص أسلوب التفسير المتجسد في التقسيم والتعريف والمقارنة.

3. قیم النص:

قيمة وطنية: تتجلى في وجوب حب الوطن.

قيمة إنسانية: تكمن في ضرورة الاهتمام بالوطن في جانبه الشمولي المتمثل في العالم. وعدم الاقتصار على النظرة التجزيئية التي لا تعترف إلا بالوطن الصغير.

رابعا: تركيب

بناءً على ما سبق يتضح أن نص "الوطن والوطنية"  مقالة تفسيرية، مقتطفة من مجلة الشهاب، تندرج ضمن مجال القيم الوطنية.يوضح من خلالها عبدالحميد بن باديس أن مفهوم الوطن يتغير بحسب درجة وعي الشخص وثقافته، وأن الوطنية صفة نابعة من علاقة الإنسان بوطنه تزداد بحبه له وتنقص بعبثيته وعدم مبالاته بوطنه. مما أدى  من خلال هذه العلاقة إلى اختلاف آراء ووجهات الأشخاص حول نظرتهم للوطن. إلا أن ديننا الحنيف قد حسم في الوطنية باعتبارها هي التي تحافظ على الأسرة بجميع مكوناتها، وعلى الأمة بجميع مقوماتها.

Mohamed Ben Chaayab
Mohamed Ben Chaayab
تعليقات