نص أختي (الثانية إعدادي)
المجال: الاجتماعي والاقتصادي
المكون: القراءة
الموضوع: أختي
الكتاب المدرسي: مرشدي في اللغة العربية
نص الانطلاق:
في يوم من أيام عاشوراء ظللت ألعب طول النهار دون أن أتذكر أختي، ولما عدت إلى المنزل دخلت الغرفة التي كانت توجد بها، وكانت نائمة يحف بها بعض أفراد العائلة، فما كدت أمثل أمامها حتى فتحت عينيها كما لو كانت معي على ميعاد. عينان خابيتان منطفئتان في وجه أصفر شاحب، وبدا لي أنها تبذل مجهودا كبيرا لأجل أن تمكن الابتسامة من أن تتعلق - وهي خائرة - بشفتيها الذاويتين، ثم همست بألفاظ عليلة هزيلة واهية، في لوم ممزوج بدعاية ميتة: يا لك من أخ عاق! ألا تقدم لأختك بعضا من هذه اللعب الكثيرة التي تحملها؟ ااحتفظ لي بواحدة ألعب بها بعد الشفاء. لا أعرف بماذا أجبتها، ولكن طلبها بدا لي في نفس الوقت عاديا، إنها تريد إحدى لعبي، سوف أحتفظ لها بها، فقد طالما تهادينا بلعبنا، بل كانت دائما مشاعة بيننا. فما راعني ذات يوم إلا أن أبي ناداني قائلا: إنه سوف يرسلني إلى منزل الجدة لأقيم به أسبوعا أو أسبوعين. يا للبهجة! أسبوعا أو أسبوعين! إذن فسوف أستوعب كل الألعاب دون رقيب ولا عتيد. ومرت الأيام وأنا غافل عن الحروف القاسية التي كانت تنقش في اللوح المحفوظ. كنت ألهو وأضحك وألعب بينما كانت الأقدار تجد وتعبس وتتربص. وفجأة وضعت يدي على مفتاح السر الرهيب في الوقت المناسب، فقد سمعت كلمة واحدة علقت بذهني وأنا ألعب، وما زلت أتأملها حتى فهمتها. ولكن هذه الكلمة العابرة، سوف تظل تتردد في نفسي ما دمت على قيد الحياة، هذه الكلمة كانت أبلغ من كل شيء. وتلفت يمينا وشمالا وعيناي زائغتان مرعبتان، ثم انسللت نحو الباب وفكري شارد يستكنه أسرار الكلمة المروعة، ثم خيل إلي وأنا أخرج إلى عرض الشارع أن انهيارا هائلا قد دمدم فجأة في أعماقي. وأخذني صوت مرعب من جميع أقطاري، فرفعت يدي المرتعشتين أسد بهما أذني لأحول بينهما وبين الصوت البشع المدوي، ثم انطلقت أصرخ وأعدو وأبكي كما لو كنت قد أصبت بجنون عامر. وكان المارة ينظرون إلي في استغراب، ولكنني لم أكن أدرك لأحد منهم وجودا، وكان بعضهم يحاول اعترض سبيلي فأتملص منه وأعدو في جنون، ورفعت يدي أضرب الباب بشدة، ولما فتح وقفت في مكاني كما لو كنت قد تحولت إلى صخر. وترددت قليلا قبل أن أقتحم الباب، ثم فجأة فتحته بشدة وأنا أصرخ، واندفعت نحو الزاوية التي كانت توجد بها، فأبصرت على الأرض العارية شيئا مستطيلا قد لف في كفن أبيض، والغرفة خالية من كل آثار أختي. نعم فإن أختي الوديعة الرحيمة ملقاة هكذا على الأرض العارية ودون وسادة... ألقيت بنفسي إلى الأرض، وأنا لا أكاد أصدق ما أرى، ومددت بيدي إلى الشيء الملقى على الأرض أفك رباطه من ناحية الرأس. يا للكارثة! إن أختي بين ذراعي جثة هامدة لا حراك بها ... ولم يبق من الشعلة الوهاجة سوى ذبالة استحالت الوقدة إلى رماد .. وضممتها إلى صدري فخيل إلي أنها رخام، وسرت في جسمي قشعريرة وأنا أعانق الموت وألثمه وأبلله بدموعي. نعم ما زال صوتها في أذني وهي تقول بنبرتها العليلة:{ احتفظ لي بواحدة، احتفظ لي بها لكي ألعب بها بعد الشفاء}. وقد احتفظت بها ولا زلت، ولن أزال ما نبض بالحياة قلبي، سوف أظل محتفظا لها مدى الحياة بشيء أسمى وأجل من لعبة، ولعلها كانت تقصد شيئا أسمى وأجل منها: الذكرى التي تسكن في الأعماق. عبد المجيد بن جلون "في الطفولة" ص ص: 129-134 (بتصرف). |
أولا: تأطير النص وملاحظته
1. تأطير النص:
أ. صاحب النص:
عبد المجيد بن جلون، أديب وكاتب مغربي، ولد بالدار البيضاء عام 1919، من أعماله: وادي الدماء (قصة)، في الطفولة (سيرة ذاتية)، براعم (شعر) …،توفي عام 1981.
ب. نوع النص ومصدره:
نص سردي مقتطف من السيرة الذاتية "في الطفولة" ص ص: 129-134 (بتصرف).
ج. مجال النص:
يندرج النص ضمن المجال الاجتماعي والاقتصادي.
2. ملاحظة النص:
أ. قراءة في العنوان:
+تركيبيا: يتكون العنوان من جملة اسمية، تتضمن خبرا مبتدؤه محذوف تقديره هذه، ومركب إضافي يتكون من مضاف (أخت) ومضاف إليه ( ياء المتكلم) والإضافة هنا معنوية أكسبت المضاف التخفيف بحذف التنوين والتعريف.
+دلاليا: إضافة (أخت) إلى ياء المتكلم الدالة على السارد توحي بقرب العلاقة النفسية والعاطفية بين هذا الأخير وأخته.
ب. قراءة في الصورة:
صورة فوتوغرافية، تجسد مضهدا لطفل يمسك بيد أخته الأصغر منه وهما يمشيان في الشارع، و توحي بالعلاقة الوطيدة التي تجمع بينهما بين أحضان الأسرة.
ج. بداية النص ونهايته:
+بداية النص: تكشف عن مرض أخت السارد.
+نهاية النص: تخبر بموت أخت السارد. وتربط بينهما لازمة نصية تكررت فيهما معا، مفادها الأمل في الشفاء بدليل قول السارد: ” احتفظ لي بواحدة (لعبة) ألعب بها بعد الشفاء”.
د. فرضية القراءة:
من خلال مشيرات النص السابقة (دلالة العنوان والصورة) نفترض أن النص سيتحدث عن علاقة السارد بأخته، وعما تقاسمه معها من ذكرايات ظلت راسخة في ذهنه.
ثانيا: فهم النص
1. الإيضاح اللغوي:
أمثل أمامها: أقف أمامها
خابيتان: ذابلتان
شاحب: أصفر اللون
خائرة: ضعيفة ولا قوة لها
الذاويتين: الذابلتين
همست: تحدثت بصوت خافت
هزيلة: ضعيفة
واهية: ضعيفة
دعابة: نكتة
تتربص: تتحين الفرصة
ألثمه: أقبله
2. الحدث الرئيسي:
وصف السارد معاناة أخته المريضة، وذكره لما خلفه موتها من حزن عميق في نفسه، واحتفاظه بذكراها مدى الحياة.
3. الأحداث الجزئية:
- ذكر معاناة أخت السارد، والأعراض التي ظهرت عليها وهي طريحة الفراش، وأملها في الشفاء واللعب مع أخيها.
- إبعاد السارد عن أخته المريضة بارساله إلى بيت جدته، واكتشافه لسر وفاتها صدفة، وانهياره الشديد إثر ذلك.
- وفاة أخت السارد، ووصف ما خلفته في نفسه من صدمة كبيرة، واحتفاظه بذكراها مدى الحياة.
ثالثا: تحليل النص
1. الحقول الدلالية:
معجم الطفولة | معجم الحزن |
ألعب، الابتسامة، اللعب، لعبي، الألعاب، ألهو، أضحك، اصرخ، أعدو، أبكي، أختي الوديعة الرحيمة... | عينان خابيتان منطفئتان، وجه أصفر شاحب، خائرة، شفتيها الذاويتين، همست بألفاظ عليلة هزيلة واهية، دعابة ميتة، أصبت بجنون غامر، اعانق الموت، ألثمه و أبلله بدموعي، نبراتها العليلة... |
العلاقة بين الحقلين: علاقة متنافرة تعكسها صورة فرح الطفل الصغير السعيد، الذي يصطدم فجأة بحادثة موت أخته، فتتحول حياته إلى حزن.
2. الأوصاف التي وصف بها الكاتب أخته:
أوصاف الأخت قبل الموت | أوصاف الأخت بعد الموت |
عينان خابيتان منطفئتان، وجه أصفر شاحب، خائرة، شفتيها الذاويتين | جثة هامدة لا حراك بها، ذُبالة استاحلت الوقدة إلى رماد |
3. الخطاطة السردية:
- البداية: دخول السارد إلى غرفة الأخت
- الحدث المحرك: توبيخ الأخت المريضة الخائرة القوى لأخيها، لعدم ترك الألعاب لها.
- العقدة: إبعاد السارد عن أخته بإرساله إلى منزل جدته.
- الحل: إدراك السارد موت أخته المريضة، وصدمته من مشهدها على الأرض.
- النهاية: وعد السارد أخته بالاحتفاظ لها بذكراها، التي هي أهم من الألعاب.
4. دراسة الشخصيات:
الشخصية |
صفاتها |
السارد |
طفل، مخلص، محب لأخته، فرح باللعب، مصدوم من موت أخته |
الأخت |
مريضة، لا تقوى على اللعب، ماتت جراء المرض |
الأب |
مسؤول عن الأسرة |