تحضير نص مواقع المدن الإسلامية (الثالثة إعدادي)

نص الانطلاق:

 منذ أوائل العصر الإسلامي كان للعوامل البيئية والمناخية أثر كبير في اختيار مواقع المدن الإسلامية، فعندما طلب قادة الجيوش من عمر بن الخطاب الإذن في إنشاء مراكز ومعسكرات لسكن الجنود أقرهم على ذلك واشترط أن يكون اختيار الموقع من قبل خبراء، وأن يكون على طرف البادية قريبا من الماء والمرعى، ولا تفصله عن المدينة المنورة موانع طبيعية كالأنهار والجبال، وبموجب هذا التوجيه تم اختيار البصرة والكوفة، اللتين كانتا من أوليات المدن الإسلامية التي أنشئت في البلاد المفتوحة.

كما أن اختيار موقع مدينة الفسطاط جاء موافقا لتوصية عمر بن الخطاب، فقد تم اختيار موقعها في مكان لا يفصله عن المدينة المنورة ماء، سواء أفي شهور الصيف أم في شهور الشتاء.

كما اهتم المسلمون أيضا بالاعتبارات الصحية والمناخية عند اختيارهم  لمواقع مدنهم الجديدة، فعند إنشاء مدينة (واسط) طلب الحجاج من أصحاب العلم والدراية في قضايا الصحة والزراعة والري والتجارة اختيار موقع مناسب لها، وطلب منهم أن يكون المكان مرتفعا وعلى نهر جار عذب، وأن يكون مناخ المنطقة جيدا وطعامها سائغا، وسار على النهج نفسه المعتصم بالله حين أراد أن ينشئ مدينة (سامراء)، فموقعها المختار مرتفع عن مستوى سطح النهر، فهي غير معرضة للغرق، وهواؤها طيب، وأرضها واسعة تحيط بها أراض زراعية واسعة.

وعدت (جودة الهواء) من المميزات التي أشاد بها الجغرافيون في حديثهم عن الصفات الحسنة للمدن، ومنهم من دلل على ذلك بأدلة عدة من المقاييس التي كانت تعتبر نافعة في معرفة طيب هواء الموقع أو فساده، فقد ذكر (القزويني) مثلا في حديثه عن صنعاء مدللا على صحة هوائها أن: (اللحم يبقى بها أسبوعا لا يفسد)، وذكر عن طليطلة أنه: (من طيب تربتها ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها سبعين سنة لا تتغير)، وعندما تحدث عن أصفهان ذكر: أنه لطيب هوائها يبقى بها التفاح غضا سنة، والحنطة لا تسوس، واللحم لا يتغير.

ومن الروايات الطريفة في هذا المجال، أن صلاح الدين الأيوبي عندما أراد بناء قلعته في القاهرة، لجأ إلى طريقة علمية لا تخلو من الطرافة، بغية اختيار أفضل مكان يصلح مناخه للإقامة، فقد أمر بتعليق بهائم مذبوحة في أماكن عدة مناسبة، وكلها تفي بغرضه العسكري، ولكن الموضع الذي تأخر فيه فساد اللحم عن سائر المواضيع الأخرى، دل على أنه الجو الأنقى هواء وفيه أقيمت القلعة.

وعن شرط اختيار المدن بصفة عامة، يشير ابن الأزرق أن ما يجب مراعاته في أوضاع المدن أصلان مهمان: دفع المضار وجلب المنافع، ثم يذكر أن المضار نوعان: أرضية، ودفعها بإدارة سياج الأسوار على المدينة ووضعها في مكان ممتنع، إما على هضبة متوعرة من الجبل، وإما باستدارة بحر أو نهر بها، حتى لا يتوصل إليها إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة، فيصعب منالها على العدو ويتضاعف تحصينها، والنوع الثاني من المضار سماوي، ودفعه باختيار المواضع طيبة الهواء، لأن ما خبث منه بركوده، أو تعفن بمجاورته مياها فاسدة، أو مروجا خبيثة يسرع المرض فيه للحيوان الكائن فيه لا محالة.

ولم تقتصر المعالجات البيئية بالمدن الإسلامية على النواحي المناخية فقط، بل تعدتها أيضا إلى النواحي الصحية، ويتمثل ذلك في تغذية المدن بالماء النظيف، والعناية بشبكات الصرف الصحي، إلى جانب الحرص على النظافة العامة للمدينة، وهي كلها عناصر تتصل بالجوانب الصحية، وتزداد أهميتها في المناطق ذات المناخ الحار.

الدكتور المهندس يحيى حسن وزيري، (العمارة الإسلامية والتنمية)،عالم المعرفة، العدد 304 (يونيو 2004)، ص: 93 – 102 (بتصرف).

أولا: تأطير النص وملاحظته

1. تأطير النص:

أ. صاحب النص

الدكتور يحيى حسن وزيري، مهندس معماري مصري، من مواليد سنة 1959، من مؤلفاته: التعمير في القرآن والسنة، المسجد الأقصى، الهيكل المزعوم، إعجاز القرآن الكريم في العمارة والعمران، الصميم العمراني الصديق للبيئة.

ب. نوع النص ومصدره:

نص موافع المدن الإسلامية عبارة عن مقالة تفسيرية ذات بعد حضاري.

ج. مجال النص:

يندرج النص ضمن المجال الحضاري.

2. ملاحظة النص:

أ. قراءة في العنوان:

+تركيبيا: يتكون العنوان من ثلاث كلمات تشكل فيما بينها مركبين اثنين: مركب إضافي (مواقع المدن)، ونركب وصفي (المدن الإسلامية).
+دلاليا: يشير إلى أماكن المدن التي بناها المسلمون، والتي تتميز بالطابع الإسلامي.

ب. قراءة في الصورة:

صورة مرسومة تظهر جانبا من مدينة إسلامية، يظهر فيها مسجد بقبته وصومعته، ويبدو أنها اقيمت على مكان مرتفع.

ج. بداية النص ونهايته:

  • بداية النص: يتضح من خلالها تكرار العنوان كاملا بعد المؤشر الزماني (منذ أوائل العصر الإسلامي)، ومؤشر سببي (العوامل البيئية والمناخية). وهذا يعني اهتمام المسلمين بالعوامل المناخية والبيئية في اختيار مواقع المدن.
  • نهاية النص: تشير إلى جانب من الجوانب التي اهتم بها المسلمون في تحديدهم لمواقع إنشاء مدنهم وهو الجانب الصحي.

د. فرضية القراءة:

من خلال مشيرات النص السابقة (دلالة العنوان والصورة وبداية النص ونهايته) نفترض أنه سيتحدث عن العوامل والأسس التي على أساسها تم اختيار مواقع المدن الإسلامية قبل إنشائها.

ثانيا: فهم النص

1. الشرح اللغوي:

المرعى مكان واسع فيه عشب لرعي البهائم
الحنطة القمح
طرف البادية ناحية أو جانب
الفسفاط مدينة مصرية
سائغا سهلا
النهج الطريق والمسلك
أشاد أثنى
المطامير حُفر في الأرض تدس فيها الحبوب
طرافة غرابة
2. الفكرة العامة:
يتحدث النص عن العوامل البيئية والمناخية والجغرافية والصحية والأمنية التي اعتمدها المسلمون قديما في اختيار مواقع مدنهم.

3. الأفكار الجزئية:

  • مراعاة الخليفة عمر للعوامل المناخية والبيئية في اختيار مواقع إقامة الجيش.
  • نماذج عن مدن إسلامية تم اختيار مواقعها بالاعتماد على المعايير البيئية والمناخية والأمنية.
  • تحديد ابن الأزرق لشروط اختيار مواقع المدن الإسلامية، في قاعدة دفع المضار وجلب المنافع.
  • ذِكر الشروط الصحية المناسبة، لاختيار موقع مدينة إسلالمية.

ثالثا: تحليل النص

1. الحقول الدلالية:

الحقول الدلالية

+ العلاقة بين المعاجم: تربط المعاجم علاقة تكامل وترابط، لأنها تصب في نفس الاتجاه، ألا وهو أسس ومعايير اختيار مواقع المدن الإسلامية.

2. أساليب النص:

الاستدلال: يشير ابن الأزرق...، ذكر القزويني في حديثه عن صنعاء...، زذكر عن طليطلة...

التوكيد: أن صلاح الدين الأيوبي، أن اختيار موقع مدينة الفسفاط، دل على أنه الجو الأنقى.

التكرار: المدن..

الطباق: الصيف الشتاء
الترادف: عذب = نقي

3. مقصدية النص:

يهدف الكاتب إلى إبراز حُسن وإتقان المسلمين في اختيار مواقع المدن، ورؤيتهم الشمولية والدقيقة في هذا الجانب.

ثالثا: التركيب

بناءً على ما سبق، يتضح لنا أن نص مواقع المدن الإسلامية عبارة عن مقالة تفسيرية تندرج ضمن المجال الحضاري للكاتب يحيى حسن، يتحدث فيها عن العوامل البيئية والمناخية والصحية التي اعتمد عليها الإنسان المسلم في القدم لاختيار مواقع المدن الإسلامية، حيث ذكر بعضا من هذه العوامل كتوفر الماء النظيف وجودة الهواء وتوفر الكلأ، إضافة إلى موقع مرتفع يصعب على العدو وصوله بسهولة.

Mohamed Ben Chaayab
Mohamed Ben Chaayab
تعليقات